ذِكْرُ اللهِ تَعالى مِن أفْضَلِ الأعْمالِ وأيْسَرِها، التي تُنَجِّي صاحِبَها من النارِ، وتَبْقى له ذُخْرًا وأَجْرًا يومَ القيامَةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصْحابِهِ: “خُذوا جُنَّتَكم”، أي: احْتَرِسوا وخُذوا وِقايَتَكُم، “من النارِ” وذلك بأنْ تَجْعَلوا بينكم وبين النارِ وِقايَةً، ثم فسَّر لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كيفيَّةَ الوِقايَةِ من النارِ؛ وذلك بقَوْلِ: “سُبحانَ اللهِ”، وهي تَعني تَنَزُّهَهُ عن كُلِّ ما لا يَلِيقُ بجَمالِ ذاتِ الله سُبحانَه وكَمالِ صِفاتِه، “والحَمْدُ لله”، أي: أُثْني عليه؛ فهو المُسْتَحِقُّ لإبْداءِ الثَّناءِ وإظْهارِ الشُّكرِ، “ولا إِلَهَ إلَّا اللهُ”، أي: لا إلَهَ حَقٌّ إلَّا اللهُ جَلَّ وعَلَا، وهو وحْدَهُ المُسْتحِقُّ أنْ يُفرَدَ بالعِبادَةِ والتألُّهِ، “وَاللهُ أَكْبَرُ” إثْباتٌ للكِبرِياءِ والعَظَمَةِ للهِ تَعالى؛ “فإنَّهُنَّ”، أي: فإنَّ هذه الكَلِماتِ، “يَأْتينَ يومَ القِيامَةِ مُقدِّماتٍ” أي: يَتقدَّمْنَ صاحبَها يومَ القِيامةِ، “ومُعَقِّباتٍ”، أي: هُنَّ كلِماتٌ يَأْتي بعْضُها عقِبَ بعْضٍ، “ومُجَنِّباتٍ”، أي: هي التي تكونُ في المَيْمَنةِ والمَيْسَرةِ، فكأنَّهن جَيْشٌ من جِهَةِ قائِلِهِنَّ تَسْتُرْنَهُ عن النارِ، “وهُنَّ الباقياتُ الصَّالِحاتُ”، أي: باقياتٌ لصاحِبِها وصالحاتٌ لجَزيلِ ثَوابِها في المعادِ وحينَ الحاجَةِ، ويَحتمِلُ أنْ يُريدَ بها قوْلَهُ تَعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم: 76].