الشكر على المصيبة مستحب ، لأنه فوق الرضا بها .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
“والمصائب التي تحل بالعبد ، وليس له حيلة في دفعها، كموت من يعزُّ عليه ، وسرقة ماله، ومرضه ، ونحو ذلك ، فإن للعبد فيها أربع مقامات:
أحدها : مقام العجز، وهو مقام الجزع والشكوى والسخط ، وهذا ما لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً ومروءة .
المقام الثاني: مقام الصبر ، إما لله ، وإما للمروءة الإنسانية .
المقام الثالث : مقام الرضى وهو أعلى من مقام الصبر، وفي وجوبه نزاع ، والصبر متفق على وجوبه .
المقام الرابع : مقام الشكر ، وهو أعلى من مقام الرضى ؛ فإنه يشهدُ البليةَ نعمة ، فيشكر المُبْتَلي عليها ” .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الناس إزاء المصيبة على درجات:
الأولى: الشاكر.
الثانية: الراضي.
الثالثة: الصابر.
الرابعة: الجازع.
أمَّا الجازع : فقد فعل محرماً، وتسخط من قضاء رب العالمين الذي بيده ملكوت السموات والأرض ، له الملك يفعل ما يشاء.
وأمّا الصابر: فقد قام بالواجب، والصابر: هو الذي يتحمل المصيبة، أي يرى أنها مرة وشاقة، وصعبة ، ويكره وقوعها، ولكنه يتحمل، ويحبس نفسه عن الشيء المحرم ، وهذا واجب.
وأمّا الراضي: فهو الذي لا يهتم بهذه المصيبة ، ويرى أنها من عند الله فيرضى رضاً تاماً، ولا يكون في قلبه تحسر، أو ندم عليها ؛ لأنه رضي رضاً تاماً، وحاله أعلى من حال الصابر.
والشاكر: هو أن يشكر الله على هذه المصيبة.
ولكن كيف يشكر الله على هذه المصيبة وهي مصيبة ؟
والجواب: من وجهين:
الوجه الأول: أن ينظر إلى من أصيب بما هو أعظم ، فيشكر الله على أنه لم يصب مثله .
الوجه الثاني: أن يعلم أنه يحصل له بهذه المصيبة تكفير السيئات ، ورفعة الدرجات إذا صبر، فما في الآخرة خير مما في الدنيا، فيشكر الله ، وأيضاً أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل ، فيرجو أن يكون بها صالحاً، فيشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة.
والشكر على المصيبة مستحب ؛ لأنه فوق الرضا ؛ لأن الشكر رضا وزيادة ” .
ثانيا :
لا يؤدي الشكر على المصيبة إلى زيادتها ، لأن قول الله تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )إبراهيم/ 7 ؛ إنما هو في شكر النعمة ، وليس في الشكر على المصيبة ، بدلالة قوله بعدها : ( وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) قال السعدي رحمه الله :
” ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ) ؛ أي: أعلمَ ووعد ، ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ ) من نعمي ( وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) ، ومن ذلك : أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم . والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله ، والثناء على الله بها ، وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك ”
انتهى من ” تفسير السعدي ”
والله أعلم .
المصدر الإسلام سؤال وجواب.
كلمات : فيصل الصباطي
أداء : أسامة السلمان
وسماع المزيد تفضل بزيارة قناة
https://www.youtube.com/channel/UCVisj4w9x_fqycp-loArrSQ