التعليم الصحيح: ما يؤخذ فيه بأرقى النظم وأحكم الأساليب. وتلقي العلوم بأساليب غير مهذبة هو العلة في تباطؤ النهضة العلمية، وعدم انتظام طرق البحث والتفكير.
ولا سبيل إلى أن يغبط الشعب بنهضته العلمية، حتى يتربى نشؤه على أن يطلبوا العلم بداعي اجتلاء الحقائق، والحرص على أسمى الفضائل. ومما يقعد بهم عن مرتبة النبوغ والابتكار في العلوم: أن يجعلوا لطلب العلم غاية مادية، حتى إذا أدركوها، انقطعوا.
والتعليم الذي تؤمن عاقبته، وتزكو ثمرته: ما اهتدى فيه الطلاب إلى طريقة نقد الآراء وتمحيصها، حتى لا يقبلوا رأياً إلا أن يستبينوا رجحانه بدليل، وقد رأينا رأي العين أن طائفة من أبنائنا قد انحرفوا عن طريق الرشد، ولو كانوا ممن يرد الآراء إلى قوانين البحث المعقولة، لاستقاموا على هدى الله وما كانوا من المفتونين.
وأما سمو أخلاقها ، فلِتستقيم أعمالها، وتنتظم المعاملات بينها، والأعمال الخطيرة إنما تقوم على نحو الصبر والعزم والكرم والإقدام، والمعاملات الرابحة لا تدوم في تماسك وصفاء، إلا أن تكون محفوظة بنحو الصدق والأمانة والحلم، وسماحة النفس ورقة العاطفة، وهذا الوجه من وجوه السعادة ملقى في عهدة من يتولى أمر التربية؛ كالأمهات والآباء ورجال التعليم، ولا يكون في الأمهات والآباء والمعلمين كفاية لأن يخرج الطفل أو الفتى من بين أيديهم طاهر السريرة، مستقيم السيرة، حتى يكون التعليم الديني ضارباً بأشعته في جميع مدارسنا، أولية كانت أو عليا، وإذا وصلت التربية الدينية إلى النفوس من طريقها الصحيح، فلا ترى منها إلا حياء وعفافاً، وصدقاً وأمانة، واستصغاراً للعظائم، وغيرة على الحقائق والمصالح، وما شئت بعد من عزة النفس وكبر الهمة. تلك خصال لا تثبت أصولها وتعلو فروعها إلا أن يتفيأ عليها ظلال الهداية ذات اليمين وذات الشمال .
المصدر الدرر السنية.
الشيخ عبدالرحمن السديس.
في قناة الشيخ حسين آل الشيخ.
https://www.youtube.com/channel/UCxkOloPoZbu_HFwzQUFKdFQ